التسبيع بالأصابع يمكن باستخدام كف واحد أو اثنين، ويمكن للمسلم التسبيح باستخدام الإصبع كاملًا على عدد واحد أو أن يقوم بتوزيع العدد على عُقل الإصبع، أي أن لكل عُقلة عددًا واحدًا، فيكون لكل إصبع ثلاث تسبيحات حيث إن في كل إصبع ثلاث عُقل.
قد ذكرت الصحابية يسيرة بنت ياسر في صحيح أبي داود إذ قالت: “أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمرهن أن يراعين بًالتكبير والتقديس والتهليل وأن يعقدن بًالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات” حُكمه حَسِن، وقد ذُكر في شرح الحديث أن النبيّ عليه الصلاة والسلام حث النساء على التسبيح بالأصابع، وتحديدًا باستخدام الأنامل.
الأنامل هو جمع أنملة وهي عقدة أو عقلة الإصبع، ويكون التسبيح باستخدام الأنامل 33 مرة حيث إن في كل إصبع ثلاث أنامل، ويكون لكل إصبع عدد ثلاثة تسبيحات، وبالتالي يستطيع المسلم الانتهاء من التسبيحات باستخدام الأيدي دورة واحدة فقط، وقد كان النبيّ عليه الصلاة والسلام يحب التسبيح باليد اليُمنى فقط، مع ذلك فلا حرج على المؤمن أن يقوم بالتسبيح بكلتا اليدين اليمنى واليسرى.
الحديث الشريف الذي تم ذكره فيما سبق يؤكد حث النبي للنساء بالتسبيح على الأصابع وليس الرجال، وقد أجمع علماء السنة على أن فضل تسبيح السيدات باستخدام أصابعهن هو أن يمحو ما اكتسبته تلك الأصابع من ذنوبٍ ومعاصي، وذلك لأن الله يوم القيام أثناء حسابه للمسلمين سيقوم بسؤال أعضاء جسمهم، أعينهم وألسنتهم وأيديهم وغيرها من الأعضاء عما ارتكبه الشخص في حياته، فتُسأل الأنامل فتشهد لصاحبها على ما اكتسبه في حياته من خيرٍ أو شر.
هناك الكثير من الطرق التي وصى بها نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام في التسبيح، والكثير من الكلام المذكور في التسبيح في جموع الفتاوى، كما أن الله تعالى قد ذكر لنا كيفية التسبيح في كتابه الكريم، ومن خلال السطور التالية سنتعرف على أفضل الطرق للتسبيح وفضل كُلٍ منها:
قال صلى الله عليه وسلم:{مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، غُرِسَتْ لَهُ بِهِ نَخْلَةٌ فِي الْجَنَّةِ.} أي أن تلك الكلمة البسيطة التي لا تأخذ ثانيتين في نطقها تؤدي إلى غرس نخلة للمؤمن في الجنة، ويُقال أن نخل الجنة لا يشابه نخل الدنيا لا في ظله ولا في حجمه.وفي رواية في صحيح مسلم قال رسول الله عليه الصلاة والسلام :{وَمَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ}.
كذلك وصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتسبيح حيث قال عليه الصلاة والسلام: “كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ”.
قال سيدنا عثمان بن عفان رضيّ الله عنه عن الباقيات الصالحات: “عن الحارثِ مولى عثمانَ قالَ كانَ عثمانُ رضيَ اللَّهُ عنهُ جالسًا ونحنُ معَهُ إذ جاءَهُ المؤذِّنُ فدعا بماءٍ فذكرَ الحديثَ في فضلِ الوضوءِ والصَّلواتِ الخمسِ قالَ وَهُنَّ الحسَناتُ يُذهبنَ السَّيِّئات قالوا يا عثمانُ هذهِ الحسَناتُ فما الباقياتُ الصَّالحاتُ قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وسبحانَ اللَّهِ والحمدُ للَّهِ واللَّهُ أكبرُ ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللَّهِ” حَسِن.
ومن قول سيدنا عثمان نستدل على أن التسبيح يكون بخمسة كلمات، لا إله إلا الله وسبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولكلٍ منها فضله.
السبحة الإلكترونية ظهرت في السنوات القليلة السابقة وأصبحت الاختيار الأول لدى الراغبين في التسبيح،ولكن هل يجوز استخدام السبحة الإلكترونية في التسبيح؟ اختلف علماء المسلمين في حُكم استخدام السبحة الإلكترونية في التسبيح، فالبعض قال إنه لا يجوز استخدامها والبعض قال إنه لا فارق بينها وبين غيرها من المسابح العادية، وفي السطور التالية سنشير إلى بعض الأحكام التي رجحها العلماء وآراؤهم فيها:
التسبيح على الأصابع أفضل من استخدام السبحة الإلكترونية حسب آراء بعض العلماء، كما أكد العلماء على أن التسبيح بالأصابع سنّة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم كما وصى بها النساء في الحديث الشريف المذكور أعلاه.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله أن التسبيح بالأصابع أفضل من المسبحة العادية كذلك، حيث قال: “ولكن الأفضل منها [يعني أفضل من السبحة] أن يعقد الإنسان التسبيح بأنامله – أي : بأصابعه – ؛ لأنهن ( مستنطقات ) كما أرشد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم” فتاوي الشيخ العثيمين (13/173).
إذا قام المُسَبِح بإظهار قيامه التسبيح بالسبحة فإنه يدخل تحت أفعال الرياء وهي محرمة، أما إذا كان استخدامه للمسبحة بهدف ضبط عدد التسبيحات فهذا جائز.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “وأما اتخاذه – أي : التسبيح بالمسبحة – من غير حاجة ، أو إظهاره للناس ، مثل تعليقه في العنق ، أو جعله كالسوار في اليد ، أو نحو ذلك : فهذا إما رياء للناس ، أو مظنة المراءاة ومشابهة المرائين من غير حاجة ، الأول : محرم ، والثاني : أقل أحواله الكراهة ؛ فإن مراءاة الناس في العبادات المختصة ، كالصلاة ، والصيام ، والذِّكر ، وقراءة القرآن : من أعظم الذنوب .” مجموع الفتاوي (22/506).
التسبيح مع غفلة القلب واللسان، أي أن يقوم الفرد بالتسبيح بأصابعه فقط على المسبحة العادية أو الإلكترونية دون التسبيح بلسانه وبقلبه، وهذا تسبيح باطل لا يأخذ صاحبه أجر التسبيح.
قال المناوي رحمه الله: “أما ما ألفهُ الغَفَلَة البَطَلَة ، من إمساك سُبحة ، يغلب على حباتها الزينة ، وغلو الثمن ، ويمسكها من غير حضور في ذلك ، ولا فِكر ، ويتحدث ، ويسمع الأخبار ، ويحكيها وهو يحرك حباتها بيده ، مع اشتغال قلبه ولسانه بالأمور الدنيوية : فهو مذموم ، مكروه ، من أقبح القبائح” فيض القدير (4/468).
أمرنا الله تعالى بتسبيحه حين نُصبح وحين نُمسي كما تفعل سائر المخلوقات، فإن ذِكر الله تعالى من أفضل الأدوية لأمراض القلوب وأكثرها فعالية، وعلى الرغم أن فضل التسبيح لا يمكن حصره في عدة سطور إلا أننا سنشير إلى بعض الفوائد والمنافع التي تعود على الإنسان من التسبيح في النقاط التالية: