من المحتمل أن تكون قد سمعت بعبارة مفادها أن “السعادة معدية”، أو ربما تكون قد ابتسمت في إحدى المرات لمشاهدتك شخصاً ما يضحك دون أن تعلم السبب حتى! على جانب آخر قد تلاحظ أنك وصديقك المقرب تجتمعان لتتبادلا أحاديث البؤس خاصتكما. هذا بالإضافة إلى شعورك بالألم والحزن عند حزن أحد أحبائك. إن كنت تواجه إحدى هذه الحالات وتعايشها، فأنت مصاب بالعدوى العاطفية!
هل تتساءل ما هي هذه العدوى؟ ببساطة يعبر مفهوم العدوى العاطفية عن كيفية انتشار العواطف والسلوكيات بين الأفراد أو المجموعات. لا نعني بذلك أن جميع العواطف معدية، أو أنك بالضرورة ستتأثر بعواطف الشخص المقابل وتشعر مثله، إلا أن العدوى العاطفية تزيد احتمالية تأثرك بهذه العواطف.
ما أسباب حدوث العدوى العاطفية؟
تحدث العدوى العاطفية عندما يستجيب شخص ما للمحفزات التي يشعر بها نتيجة مشاعر شخص آخر.
وقد وجدت العديد من الدراسات أن العدوى العاطفية تحدث دون أي وعي. أي يمكن القول أنها سلوك مستنسخ يعتمد على ما يستشعره هذا الشخص ويراه من الشخص المقابل، بالإضافة إلى تأثير العديد من العوامل النفسية التي تثير هذا النوع من العدوى، والتي تشمل التواصل اللفظي وغير اللفظي كتعبيرات الوجه ولغة الجسد والموسيقى المحيطة والروائح وغيرها.
فكر مثلاً في غرفة مليئة بأشخاص يشاهدون كوميدياً ما، تسبب القصة المضحكة والحركات التي يؤديها الكوميدي استجابة عاطفية معدية من الفرح يسبب الضحك للجميع. أما بالنسبة للعوامل المحيطة، فأجواء الهدوء والسلام التي تعم الغرفة -والتي يتعمد صانعو الأفلام وأصحاب المطعم ومندوبو المبيعات وغيرها استغلالها لإثارة مشاعرنا- تدفعنا للشعور بالراحة والسعادة.
من الأسهل التأثر بالمشاعر السلبية
كما يمكن للمشاعر الإيجابية أن تكون معدية، فإن للمشاعر السلبية الأثر ذاته، وربما بشكل أكبر. فمن المرجح أن تؤثر بك مشاعر الإحباط واليأس والاكتئاب عندما تمتلك مناعة ضعيفة ضدها.
أما عن العوامل التي تلعب دوراً في زيادة استثارتك لهذه المشاعر، فيلعب نقص النوم وعدم تناول الطعام والتوتر والإرهاق دوراً كبيراً في جعلك أكثر عرضة للعدوى العاطفية، فتنجرف مع أي تيار عاطفي خارجي بوعي أو دون وعي، ويتغير مزاجك نحو الأسوأ لتشعر بما يشعر به الشخص المقابل لك.
العدوى العاطفية مرتبطة بخلايانا العصبية!
تظهر الأبحاث أن نظام الخلايا العصبية المرآتية يلعب دوراً في محاكاة العواطف هذه، إذ تنشط بعض خلايانا العصبية الدماغية عندما نلاحظ شخصاً آخر يفعل شيئاً ما لينعكس ذلك بشكل تلقائي علينا. مما يعني أنه عندما ترى شخصاً ما يبكي أو يضحك و يعبس فإنك ستقوم بتقليده بشكل تلقائي.
مراحل العدوى العاطفية وآثارها
على الرغم من أن العدوى العاطفية تحدث دون وعي، إلا أن الخبراء يؤكدون أنها تحدث على عدة مراحل. وفي هذا الصدد يقول الدكتور كارل نصار: “بداية، تبدأ مرحلة التقليد: أنت تبتسم فيبتسم وجهي معك؛ ثم هناك ردود فعل، أنا ابتسم، مما يعني أنني سعيد الآن؛ الآن، أصبت بالعدوى وسأمضي قدماً وابتسم للشخص التالي الذي يمر بجانبي”.
ومن المعروف ن مشاركة المشاعر الإيجابية تشعرنا بالعادة وتقلل مشاعر التوتر. على جانب آخر تعتبر المشاعر السلبية المعدية ضارة بشكل كبير، فتجعلك تشعر بالتوتر واإرهاق والارتباك. وعندما يحدث هذا على نطاق واسع أو ضمن مجموعة، تؤثر العدوى العاطفية على عقلية المجموعة مؤدياً لانتشار المشاعر السلبية والعنف والخوف والذعر وغيرها.
اقرأ أيضاً:
استراتيجيات مساعدة للسيطرة على العدوى العاطفية
يرغب معظم الناس في إدارة الجوانب السلبية وتسخير الجوانب الإيجابية للعدوى العاطفية كما يرغبون. ويمكنك اتخاذ هذه الخطوات لإدارة ردود أفعالك: