-

لماذا مدائن صالح محرمة وحكم زيارة مواقع عذاب

(اخر تعديل 2024-09-09 07:30:13 )
بواسطة

مدائن صالح، الموقع التاريخي في المملكة العربية السعودية، يثير تساؤلات حول محرميته. يعتبر مكانًا للآثار النبيلة، ولكن يتردد على الناس زيارته بغرض السياحة. تعود محرمية مدائن صالح إلى التاريخ الإسلامي، حيث يُعتَبر مكان القوم الذين عُذِّبوا بسبب معصيتهم. يتجلى ذلك في الحديث النبوي الذي يحذر من الإقامة فيها أو الاستمتاع بفعل الأمور اليومية هناك. يظهر الحذر الديني من زيارة هذا المكان واستلهام العظة دون التسلية أو التسلية.

لماذا مدائن صالح محرمة؟

رفض عدد من العلماء والأكاديميين زيارة المواقع التي تم فيها تعذيب أمم سابقة، كما هو الحال في مدائن صالح والأخدود، واعتبروا ذلك محظورًا إذا كانت بدافع سياحي. أكدوا أن زيارتها للعبرة والعظة مقبولة، ولكن بشرط أن لا يُطَالَ في المكوث فيها أو الأكل أو الشرب.

من جانبه، أوضح رئيس مجلس الشورى، عبدالله آل الشيخ، أن زيارة مواقع الآثار للأمم المعذبة قد تكون مقبولة إذا كانت خفيفة للاتعاظ والعبرة، مشددًا على أنها ليست لأغراض ترفيهية، بناءً على توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم بتجنب الصلاة أو البقاء في مثل هذه الأماكن.

وفي سياق متصل، أعرب أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود، الدكتور صالح السدلان، عن رأيه في تحريم زيارة آثار القوم المعذبين لأغراض ترفيهية، مشيرًا إلى أن زيارة آثار الدول والحضارات للتعرف على تاريخ الأمم السابقة لا تشكل مشكلة شريطة الالتزام بالضوابط.

وأوضح الباحث الإسلامي خالد الصقعبي أن زيارة المواقع التي شهدت عذابًا لأمم سابقة تعد محرمة إذا كانت بدافع السياحة، مؤكدًا أنه يجب دخولها فقط للعظة والعبرة مع احترام الشروط الشرعية وتجنب التمديد في الإقامة فيها.

من جهته، أكد الدكتور ناصر العقل، أستاذ العقيدة والمذاهب في جامعة الإمام محمد بن سعود، أن بعض الآثار قد تُعتبر سياحية وتُزور بدوافع غير مقدسة، مشددًا على أن الزيارة المقدسة يجب أن تكون للعظة فقط دون التمادي في الإقامة.

وفي ختامها، دعا الدكتور محمد المسند إلى ابتكار بدائل سياحية للأماكن التي حذر من زيارتها في ضوء النهي الشرعي، مُشددًا على أن زيارة المواقع التي شهدت العذاب يجب أن تكون قصيرة وسريعة وفقًا للتوجيهات الدينية.

حكم زيارة مواقع عذاب الله إسلام ويب

الأماكن التي شهدت عذابًا كثيرة، منها الأحقاف في بلاد عاد، حيث نذر الله قومه بالأحقاف، وقد جاء في القرآن الكريم: “وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ…” (الأحقاف: 21) وانتهى الأمر إلى هلاكهم. كما شهدت بلاد ثمود عذابًا في الحجر، وذلك حين كذبوا رسل الله، وقال الله في القرآن: “وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ…” (الحجر: 80).

أما أرض قوم لوط، فقد نبذها الله بسبب فسقهم ومعاصيهم، كما جاء في القرآن: “كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ…” (الشعراء: 160). وكذلك بلاد مدين حيث قامت قصة قوم شعيب وكيف دمرهم الله بسبب معصيتهم: “وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ…” (العنكبوت: 36-37).

وكذلك الجنة المذكورة قرب صنعاء، كما ورد في سورة القلم: “فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ” (القلم: 19). ولا يمكن نسيان قبور الظالمين والكافرين، حيث صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر بقبرين وقال إنهما يُعَذَّبَان.

تجاه هذه الأماكن، ينبغي:

  • عدم دخولها إلا والقلب مملوء بالبكاء والخشية، وفقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تدخلوا على هؤلاء القوم إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم”.
  • استخدام الزيارة للتعظيم والتأمل في ما حل بهؤلاء القوم، والتحذير من سلوك نفس الطريق.
  • تجنب شرب وعجن من آبارها والاكتفاء بالإسراع في المرور.
  • عدم التمادي في الإقامة في تلك الأماكن، مع تغطية الرأس والسرعة في المرور.

حكم زيارة مواطن عذاب أقوام سابقين ابن باز

قال النبي ﷺ: “لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَن تَكُونُوا بَاكِينَ لِئَلَّا يُصِيبَكُم مَّا أَصَابَهُم، وَلَمَّا مَرَّ عَلَيْهِمْ أَسْرَعَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَنَّعَ رَأْسَهُ.”

المسائل: س: هل يُقال “تَتَبَاكَوْا” أم “تَتَبَكَّوْا”؟ الشيخ: في سنده مقال، ولكن المقصود أنه لا يُدْخَل عليهم إلا بسرعة أثناء المرور، إذا دعت الحاجة. س: فهل يَحْرُم السفر؟ الشيخ: نعم، كما تم التفصيل في بلاد المشركين. س: وماذا عن الآثار؟ الشيخ: بالنسبة للآثار، فلا يُحَرَّم السفر إليها، إذا كانت كما في حديث قوم صالح الذي نبَّه النبي ﷺ فيه وقال: “لَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ إِلَّا وَأَنتُم بَاكِينَ لِأَنَّهُ مَا فِي حَاجَةٍ.”

معلومات عن مدائن صالح

كانت هذه المملكة جزءًا من مملكة معين في القرن الخامس قبل الميلاد حتى بداية القرن الأول قبل الميلاد، وقامت في منطقة الحجر والأجزاء الشمالية الغربية من شبه الجزيرة العربية. يُعتَبَر أنها تمثل مرحلة سابقة لمملكة لحيان، حيث يشير بعض الباحثين إلى أن اللحيانيين كانوا سكانًا في العربية الجنوبية. توجد افتراضات حول استيطان اللحيانيين لمنطقة دادان جنوب أراضي لحيان، وعندما ضعفت حكومة المعينيين في اليمن، استولى اللحيانيون على المملكة وأطلقوا عليها اسم قبيلتهم.

لا توجد اتفاقية بين الباحثين حول أصل اللحيانيين بشكل دقيق. وفقًا لجواد علي، قد قام المعينيون بتأسيس مستعمرات في أعالي الحجاز منذ القرن الخامس قبل الميلاد، ووُصِفُوا باللحيانيين خلال أوقات قوة المعينيين. كانت هدف هذه المستعمرات تأمين الطريق التجارية من اليمن إلى الشام. ووفقًا لورنر كاسكل، يشير العهد القديم إلى وجود الديدانيين، والذي يُعتَقَد أنهم اللحيانيون، ويُظهَرُ الاستخدام الواضح لهذا الاسم بسبب توقف قوافل مملكة معين في دادان.

أغلب بضائع اللحيانيين كانت قادمة من جنوب شبه الجزيرة العربية، وكانت تُوجَه إلى مصر واليونان. يعتقد كاسكل أن اللحيانيين سيطروا على هذه المملكة حوالي منتصف القرن الثاني قبل الميلاد، تقريبًا 150 قبل الميلاد، حيث كانت المعينيين يسيطرون على الحجر وأعالي الحجاز بمساعدة اللحيانيين. عادت المملكة للحيان بعد ذلك باستغلال ضعف مملكة المعين وصراعاتها مع مملكة سبأ. وفقًا لجواد علي، يُفترض أن اللحيانيين ينحدرون من النبي إسماعيل، وتمت معاملتهم على أنهم إحدى الشعوب العربية.