حديث الرسول عن الاعتراف بالحب
يُمكن تعريف الحب بالمشاعر القلبية البريئة التي تعبر عن ميّل القلب إلى شيء ما والشعور بالرغبة الدائمة فيه، وشرعًا فمن الحب ما هو مشروع وما هو مذموم، ويُمكن أن يكون الحب فطريًا لا دخل للإنسان به، كما يُمكن أن يكون اختياريًا مكتسبًا بإرادة الإنسان، وأنقى أنواع الحب هو حب الله ورسوله، وهو أمر واجب على كل مسلم ومسلمة.
حديث الرسول عن الاعتراف بالحب
لم يرد عن النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – حديثًا بشأن الاعتراف بالحب، ولم تجد الشريعة الإسلامية شكلًا مُحببًا للعلاقة بين الرجل والمرأة سوى الزواج الشرعيّ، وما خلاف ذلك فهو أمر من عمل الشيطان يجب الابتعاد عنه فورًا تجنبًا لغصب الله تعالى، فقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً قال: “يا رسول الله في حجري يتيمة قد خطبها رجل موسر ورجل معدم، فنحن نحب الموسر وهي تحب المعدم، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- : لم نر للمتحابين غير النكاح”
ماذا قال الرسول عن حب عائشة
تزوج النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – السيدة عائشة – رضي الله عنها – بعدما توفيت زوجته الأولى السيدة خديجة – رضي الله عنها -، وهي البكر الوحيدة التي تزوجها النبي، وكانت أقرب وأحب الخلق إلى قلبه وقد جاء ذلك عن عمرو بن العاص : “بعثني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على جيش وفيهم أبو بكر وعمر، فلما رجعت قلت: يا رسول الله من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة، قلت إنما أعني من الرجال، قال: أبوها”.
حكم الاعتراف بالحب في الإسلام
يعود أمر حكم الاعتراف بالحب في الإسلام إلى أصل ذلك الحب ولمن نشعر به تجاههم، فإن اعتراف المرء المسلم بالحب لمن يجوز له أن يعترف لهم به هو أمر جائز مُحبب لا ريب فيه على الإطلاق، مثل الاعتراف بالحب للأبوين، أو الزوجة، أو الزوج أو الأبناء، بينما الاعتراف بالحب بين شخصين أجنبيين (رجل وامرأة) لا علاقة شرعية بينهما (الزواج) فهو أمر محرم ولا يعترف به الإسلام إطلاقًا، فما الحب إلا ما جاء بصفة شرعية يشهدها الله تعالى ورسوله والمؤمنين.
فالاعتراف بالحب يأتي نبيلًا إن جاء في أجواء الطهارة والنُبل والحياء، وإن جاء الحجب في قلب أحد الرجال أو النساء دون أن يوجد فيه تعديِ واضح لحرمات الله بالنظر أو الخلوة، فلا حرج على المحبين أن يسعون جهدًا للزواج بمن يحبون، فالزواج الشرعي هو ذروة الحب الطاهر بين الرجل والمرأة.
الحب في الإسلام
لم يبغض الإسلام مشاعر الحب، بل أنه دين المحبة والمودة وجعل منه أحد شروط الإيمان، فقد قال الله تعالى في سورة البقرة: “وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ”، كما جاء عن خير الخلق محمد بن عبد الله : “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين”، فالمحبة تأتي شرعيًا شعورًا نقيًا طاهرًا، وتستلزم طاعة المحبوب، فمن أحب شخصًا سارع إلى إرضاءه وطاعته، فما بالك بمن أحب رب العالمين ورسوله الأمين.
أنواع الحب في الإسلام
شرَع الإسلام الحب وجعله موضعًا للطمأنينة في قلب المسلمين إن جاء مشروعًا فيما حدده الدين، ومن أنواع الحب المشروعة في الإسلام
- حب الله ورسوله
- ويتمثل حب الله ورسوله في طاعة المرء المؤمن وعبادته، فالحب يتطلب طاعة المحبوب وإتباع كافة السُبل لإرضاءه، فيكون المرء مُحبًا لربه إن أطاعه حق الطاعة، والتزم حدود الشريعة، وابتعد عن كل معصية وذنب، ولا دليلًا على حب النبي خيرًا من ذكره والصلاة الدائمة عليه واتباع ما جاء في سُنته النبوية الشريفة.
- حب المؤمنين والعلماء الصالحين
- إن حب المؤمنين الصادقين والعلماء الصالحين من أفضل أنواع الحب المشروع، وذلك ما جاء عن النبي محمد – صلة الله عليه وسلم – : “ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود للكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار”.
- محبة الزوجة والأبناء
- يكتسب الزوج حب زوجته بصفة طبيعية، ويميل إلى محبتها والميل والسكون إليها، فهي مسكنه الآمن في الأوقات العصيبة، كما تميل الزوجة إلى زوجها إن وجدت فيها رجلًا صالحًا يخشى الله فيها ويسعى لإسعادها وأبنائها، كما يأتي حب الأبناء فطريًا في قلب الوالدين، ولا يجوز للآباء محبة أحد الأبناء (أو الزوجات إن كان مُعددًا) أكثر من الآخرين، ويحرم عليه التمييز بينهما بالهدايا أو العطايا أو غير ذلك، وذلك ما جاء في قوله تعالى: “وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا”.
- محبة الوالدين والأقارب
- يُخلق الإنسان مفطورًا على حب والديه، فهم من أتيا به إلى هذه الدنيا، وأحسنا تربيته حينما كان صغيرًا، وسهرا وقتًا طويلًا لرعايته والاعتناء به.