هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة بنيتين وفضل
مع اقتراب شهر ذي الحجة، وخاصة صيام العشر أيام الأولى من الشهر نفسه تتداول الكثير من التساؤلات عن حكم الصيام في تلك الأيام، ومن أبرز هذه الأسئلة؛ هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة بنيتين؟ وفي الحقيقة أن هذا السؤال يتداول ممن عليهم صيام القضاء فيريدوا أن يربطوا صيام العشر أيام الأولى من الشهر بنيتين، النية الأولى وهي محل الصيام نفسه من ذي الحجة، والنية الثانية هي نية القضاء، ولعلنا نتناول الإجابة عن هذا السؤال من خلال الموسوعة، بالإضافة إلى الاطلاع على حكم صيام العشر الأوائل من ذي الحجة، وفضل صيام العشر من ذي الحجة، ودعاء نية صيام العشر من ذي الحجة.
هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة بنيتين
عادة ما يتداول هذا السؤال ممن عليهم أيام القضاء الخاصة بشهر رمضان، فهل يجوز أن يكون صوم العشر أيام الأولى من ذي الحجة بيتين؟ هذا ما نقوم بالإجابة عليه من خلال النقاط التالية.
- فقد قال ابن قدامة عن حكم صيام العشر من ذي الحجة بنيتين: وَقد اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي كَرَاهَةِ الْقَضَاءِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، فَرُوِيَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ويجوز الصيام فيها بنيتين، وهذا ما ذهب إليه سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، على حسب ما رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ قَضَاءَ رَمَضَانَ فِي الْعَشْرِ.
- أما الرأي الآخر فلا يجوز الصيام بنيتين، وهذا ما ذهب إليه عَنْ الْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ، حيث كان يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَهُ.
- والجدير بالذكر أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، فقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ”.
- ومن خلال الحديث السابق للنبي صلى الله عليه وسلم يمكننا القول بأنه لا يجوز صيام العشر من ذي الحجة بنيتين سواء كانت النية الأخرى بغرض القضاء أو حتى التطوع، وإن كان هناك قضاء فيكون في غير تلك الأيام.
- إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، لذلك النية هي دافع يسبق العبادة كي تتقبل من العبد، كالصلاة والصوم والصدقة والذكاة، وما إلى ذلك، فبدون استحضار النية لن يتقبل العمل.
حكم صيام العشر الأوائل من ذي الحجة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام العشر الأوائل من ذي الحجة: (ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة).
- ومن هنا علينا القول بأن صيام تلك الأيام يعد من الأمور المستحبة، والعبادة التي تقرب العبد من ربه.
- لكن صيام العشر الأوائل من ذي الحجة ليس بفرض على كل مسلم ومسلمة، لأنه لا يوجد آية قرآنية أو حديث شريف ينص على فريضة صيام هذه الأيام.
- ويعزز المسلم تقربه من الله عز وجل في هذه الأيام بحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا، والصيام، والصدقات، والزكاة، وقراءة القرآن الكريم.
- والجدير بالذكر أن هذه الأيام تستجاب فيها الدعوات وقبول التوبة، لأن أبواب السماء تكون مفتوحة للعباد، وخاصة في يوم عرفة.
فضل صيام العشر من ذي الحجة
كما ذكرنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن حكم صيام العشر الأوائل من ذي الحجة: “ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة”، وتوصلنا إلى أن صوم هذه الأيام ليس فريضة كصوم شهر رمضان المبارك مثلا، لكنها من أحب الأيام إلى الله عز وجل.
- فيكفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف فضل صيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة بأنه يفوق فضل الجهاد والتطوع في سبيل الله.
- حيث قال عبد الله بن العباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ).
- كما يظهر فضل صيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة أيضا في حديث حفصة رضي الله عنها، أنها قالت: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ).
فضل صيام يوم عرفة
يوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة، والجدير بالذكر أن صيام هذا اليوم له فضل عظيم على العبد المسلم الصائم، لكنه ليس بفرض على المسلمين، ولا يوجد آية قرآنية أو حديث شريف ينص على أن صيام هذا اليوم فرض.
- لكن فضل هذا اليوم عظيم، حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ).
- إذن فضل صيام يوم عرفه هو تكفير لذنوب العبد وغفرانها من سنة مضت وسنة آتية.
دعاء نية صيام العشر من ذي الحجة
هناك أدعية مستحب الدعاء بها في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة ويوم عرفة، لاستحضار نية الصوم، وعند الإفطار، فتكون أبواب السماء مفتوحة في تلك الأيام لاستجابة دعوات العباد، ولعلنا نتناول من خلال النقاط التالية أبرز الأدعية التي كان يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الأيام.
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير).
- قال: (لا اله إلا الله عدد الليالي والدهور لا اله إلا الله عدد الأيام والشهور لا اله إلا الله عدد أمواج البحور لا اله إلا الله عدد أضعاف الأجور لا اله إلا الله عدد القطر والمطر لا اله إلا الله عدد أوراق الشجر لا اله إلا الله عدد الشعر والوبر لا اله إلا الله عدد الرمل والحجر لا اله إلا الله عدد الزهر والثمر لا اله إلا الله عدد أنفاس البشر لا اله إلا الله عدد لمح العيون لا اله إلا الله عدد ما كان وما يكون لا اله إلا الله تعالى عما يشركون).
- قل عشرة مرات: (لا إلهَ إلاَّ اللَّه وحْدهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، لَهُ المُلْكُ، ولَهُ الحمْدُ، وَهُو عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ).
- الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع، ولا لعطائه مانع، ولا كصنعه صنع صانع، وهو الجواد الواسع، فطر أجناس البدائع، وأتقن بحكمته الصنائع، لا يخفى عليه الطلائع، ولا تضيع عنده الودائع.
- قل: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم).
- لا إله إلا الله، الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل ذنب وإثم، يا الله لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين.