خصائص النمط الحجاجي
تختلف أساليب الحديث والإقناع المتبادلة مع الآخرين، فمنها ما يعتمد على البديهيات العقلية، ومنها ما يعتمد على الإقناع، ويندرج النمط الحجاجي ضمن أساليب الإقناع العقليّ، ويُسرد في المقال الآتي أبرز التفاصيل بشأن النَمط الحجاجيّ وخصائصه وأساليبه وأهم مميزاته.
النمط الحجاجي في الإقناع
يُعرف النمط الحجَاجيّ بنظرية الحجاج وهو أحد الأنماط النصية أو طرق التعبيّر في اللغة، والذي يُستخدم لإقناع الآخرين بأفكار محددة مُرتبة ومتسلسلة، ويحتوي على مجموعة من الحجج التي تُذكر للإقناع والدلالات على صحة أو بطلان شيء ما، ويوجَه النمط الحجاجيّ للجمهور جميعًا سواء كان فردًا واحدًا أو مجموعة من الأشخاص لإقناعهم بالعدول عن آرائهم والاقتناع بآراء أخرى مختلفة الشأن سواء كان مرتبطة بالأمور الاقتصادية أو السياسية أو الفكرية وغيرها، ويعود تاريخ ظهوره إلى العصر اليونانيّ القديم، حيثُ أنشأه أرسطو والذي قام بدراسة الظواهر الخاصة بالنصوص الحجَاجيّة وجاء نتاجٍ لذلك كتاب السفسطة والشعر، وكتاب الجدل والخطابة.
خصائص النمط الحجاجي
يقوم النمط الحجاجيّ على عدد من الخصائص التي تُميزه عن غيره من النصوص الأدبيّة، ومن بينها الآتي:
- استخدام المنطق والأفكار المُرتبة في الإقناع، أي أنه يقوم على مخاطبة العقل وليست المشاعر.
- عرض الكاتب للحجج والبراهيّن الدالة على صحة رأيه دون عرض الآراء المخالفة له، مما يترك للمستمع فرصة لاستنتاج خطأ وعدم صحة الآراء المخالفة.
- الاستعانة بالعديد من الأدلة والبراهيّن المستخرجة من المصادر والمراجع المختلفة.
- الاستعانة بالعديد من الأساليب الإنشائية بما في ذلك أسلوب التحذير والنهيّ، وتأتي بهدف الإقناع أيضًا.
- قلة ظهور المُحسنات البديعية والصور البيانيّة، فالنمط الحجاجيّ يقوم على الأسلوب المباشر المعتمد في أساسه على استخدام المنطق والعقل في الإقناع، فالكاتب يُخاطب عقل المتلقيّ مباشرةً دون تشتيت بمظهر النص.
- الاستعانة بأساليب التفصيل، والاستنتاج، النفيّ، والتأكيد، والتعليل بصورة منطقيّة تسلسليّة، فمن الطبيعيّ إن كان الكاتب مدافعًا عن فكرة ما، ويحاول إقناع الآخرين بها، فلابد له من استخدام بعض هذه الأساليب.
- استخدام الأساليب الشرطيّة، تسهم الأساليب الشرطيّة في تأكيد النمط الحجاجيّ، فغالبًا ما يقوم الكاتب بإعطاء الأساليب والنتيجة معًا ليزداد إقناعه، ومثالًا على ذلك القول “إن تَجتهد سوف تنجح”، فهنا نجد أم الاجتهاد هو السبب والنجاح هو النتيجة.
- بروز ضمائر المتكلم والمخاطب، وعادةً ما يعود ضمير المتكلم غلى الكاتب صاحب الرأي، والمخاطب إلى المُتلقيّ.
- استخدام العديد من الأدوات الخاصة بالتعليل والاستنتاج مثل (لقد – إذن – لأجل – حيثُ – بما أن – لذا).
- يقوم النمط الحجاجيّ بصفة مباشرةً على الجمل القصيرة والخطاب المباشر للمتلقيّ.
- استخدام الجمل التعارضيّة، فعادةً ما تحمل الجملة الحجاجيّة الفكرة وضدها أو الكلمة وضدها، وذلك لإسهام التضاد والتعارض كوسيلتيّ إقناع قويتيّن، ومثل ذلك العبارة “الجهل ظلام والعلم نور”.
أهمية النمط الحجاجي
يُسهم النمط الحجاجيّ بصفة أساسية إلى تحقيق الإقناع، لذا يُقدم العديد من البراهيّن العقلية والأدلة والحُجج القويّة، وتظهر أهميته في الآتي:
- تشجيع القارئ أو المتلقيّ على المناقشة والتحاور واحترام الآراء الأخرى حتى وإن كانت متعارضة مع رأيه.
- دفع المختلفيّن في الفكر إلى تغيير أفكارهم والاقتناع بفكر الكاتب.
- توجيّه المُتلقيّ إلى إحدى القضايا ذات الأهميّة، وذلك من خلال إبراز الأسباب والمطاهر وصولًا إلى النتائج.
- تعويد المتلقيّن على الأسلوب المنهجيّ في الحوار والنقاش.
مؤشرات النمط الحجاجي
تتمثل مؤشرات النمط الحجَاجيّ في الآتي:
- بروز قيمة الاستدلال المنطقيّ.
- عرض الفكرة الرئيسية أو الموضوع الأساسيّن ثم إبراز العديد من الحجج والأدلة للبرهنة على صحتها، مع الاستعانة بالعديد من الأمثلة الواقعيّة.
- ذكر السبب، ثم عرض النتيجة عنه، والاستشهاد بوقائع حقيقية لتأكيده.
- تنقسم بنية النمط الحجاجيّ إلى (الرأي أو القضية أو الأطروحة)، والتي بدورها تنقسم إلى قضية مؤيدة أو مرفوضة، ويتم الانتقال من الرأي المخالف لإسقاطه وبيان خطأه لنفيّه، ثم تأكيد الرأي الصائب، ويقوم الحجاج لذلك بعرض الحجج والأدلة، وصولًا إلى إثبات صحة الرأي أو النتيجة.
- سيادة ظهور الجمل الإخباريّة، مع الموضوعيّة أو التقليل من ذات وغرور الكاتب.
- زيادة بروز الحجج وتنوعها ما بيّن القصص، المقارنات، القوليّة، العلميّة، الدينية، التاريخيّة، المنطقيّة، وغيرها.
أساليب النمط الحجاجي
يندرج ضمن أساليب النمط الحجاجيّ الآتي:
- أسلوب النداء، قائمًا على بعض الأدوات مثل “أيا – يا – أي”.
- أسلوب التأكيد، قائمًا على بعض الأدوات مثل “قد – إن”.
- أسلوب النفيّ، قائمًا على بعض الأدوات مثل “لم – لا”.
- أسلوب النهي، قائمًا على بعض الأدوات مثل “لا”.
- أسلوب الاستفهام،ن قائمًا على بعض الأدوات مثل “أ – هل”.
مميزات النمط الحجاجي
للنَمط الحجاجيّ عدة مميزات من بينها النقاط التالية:
- الأطروحة أو القضية أو الرأي، والتي تمتاز بكونها موضع خلاف بين أطراف الحوار أو النقاش، فلا يُمكن قيام مثل هذا النمط بشأن قضية قد تم الاتفاق بشأنها مُسبقًا.
- أطراف الحوار أو المناقشة، فيجب أن يتواجد الخلاف بين أطراف الحوار بشأن القضية موضع النقاش.
- اللغة، فلغة النص الحجاجيّ مباشرة “تقريرية”، والتي تأتي معبرةً عن الأفكار بشكل مباشر وصفة واضحة، ولا يُمكن أن تكون لغة أدبيّة على الإطلاق، حيثُ تخلو من الأساليب البلاغيّة، لانها تستخدم في توصيل المعنى مباشرةً.
- توظيف العديد من الأساليب الإقناعيّة، والحجج والبراهين مثل الشواهد، المقارنات، الشرح، والتفسير وغيره.